أحكام الطلاق في الاسلام for Android
إنّ الطلاق البائن هو الطلاق الذي لا يحقّ للزوج بعده أن يقوم بإرجاع مطلقته إلا في حال رضاها، وبعقد جديد، وهو على أقسام: الأوّل أن يقوم الرّجل بتطليق زوجته قبل أن يدخل بها وفي حال انتفت العدّة تنتفي الرّجعة، ومن ذلك أن يوجد سبب تستحق من خلاله الزّوجة الخيار، فتختار أن تتطلق طلاقاً بائناً، ومثال ذلك أن يطلق الرّجل زوجته الطلقة الثّالثة، ولا تحلّ له في هذه الحالة إلا إذا نكحت زوجاً آخر سواه نكاحاً صحيحاً وتامّاً، يتمّ الوطء فيه (1) .
إرجاع المطلقة تحصل رجعة المطلقة بعدّة أمور، منها أن يقول الرّجل لزوجته التي طلقها: راجعتك إلى نكاحي، أو ما يقوم مقام هذا القول من الألفاظ، والتي تدلّ على رجعتها إليه، ومن تلك الأمور أيضاً أن يقوم بمجامعتها، أو تقبيلها، أو لمسها بشهوة،
كيف يتم الطلاق شرعاً هناك ألفاظ مستعملة يقع بها الطلاق، وهي على النّحو التالي على مذهب جمهور العلماء: (1) . والخلاف في مسائل الطلاق يرتفع بحكم القاضي، وفي حالة المخطئ الذي يثبت سبق لسانه فإنّ الطلاق لا يقع، وإن لم يثبت ذلك قُبل بالفتوى من دون القضاء، وطلاق الملقّن الذي لا يفهم مثل الأعجمي لا يقع، وذلك لعدم قصده بأن يوقع الطلاق، والطلاق الصّريح لا يحتاج إلى نيّة، فهو يقع سواءً أنواه الزّوج أم لم ينوه، ولا يقع الطلاق الصّريح في حال لم يعيّن المتلفظ به زوجته. وإنّ الطلاق في القضاء يقع بكلّ لفظ يدلّ عليه، أمّا ديانة فيما بين الإنسان وربّه، فيجب ان ينويه حتى يقع الطلاق به، حتّى وإن كان صريحاً، إلا في حال نواه، لأنّ الأعمال بالنيّات، ولكن في حكم القاضي بوقوع الطلاق فإنّه يقع ديانةً وقضاءً في هذه الحالة. ويعتبر لفظاً صريحاً في الطلاق كلّ لفظ لا يتمّ استخدامه إلا عند حلّ عقدة النّكاح، وذلك في عرف كلّ من نطق به، وسمعه، ومن وجّه إليه، وذلك أيضاً بناءً على الوضع اللغوي للفظ، أو عرف النّاس في استخدام هذا اللفظ في حالات الطلاق. وأمّا حكم التلفظ باللفظ الصّريح في حالة الطلاق فهو أنّ الطلاق يثبت ويقع به، وذلك مادام أنّ من نطق به يعرف دلالته، وليس شرطاً أن ينوي الطلاق به، وذلك لأنّ اللفظ يكون في هذه الحالة صريحاً في الدّلالة، وهذا بإجماع العلماء والفقهاء. شروط وقوع الطلاق هناك شرطان أساسيّان لوقوع الطلاق، وهما: (1)
مشروعية الطلاق شرع الإسلام الطلاق بسبب أغراض اجتماعيّة ضروريّة، ومثال ذلك أن يكون هناك شقاق أو نزاع بين الزّوجين، وتقطعت بينهما العلاقة الزّوجية، وحلّ محلها النّفور والكراهيّة، ولم يكون هناك أيّ مجال لإصلاحها، فالحلّ في مثل هذه الحالة هو الطلاق، لأنّ الحياة الزّوجية تنقلب إلى عكس الغرض المطلوب منها في هذه الحالة، وغرضها الأساسيّ هو إيجاد الألفة والمحبّة والرّحمة بين الزّوجين. قال سيد سابق في كتاب فقه السنّة: (قال ابن سينا في كتاب الشفاء: ينبغي أن يكون إلى الفرقة سبيل ما، وألا يسدّ ذلك من كلّ وجه، لأنّ حسم أسباب التّوصل إلى الفرقة بالكلية يقتضي وجوهاً من الضّرر والخلل، منها: أنّ من الطبائع ما لا يألف بعض الطبائع، فكلما اجتهد في الجمع بينهما زاد الشرّ، والنّبؤ (أي الخلاف) وتنغصّت المعايش. ومنها: أنّ النّاس من يمنى (أي يصاب) بزوج غير كفء، ولا حسن المذاهب في العشرة، أو بغيض تعافه الطبيعة، فيصير ذلك داعيةً إلى الرّغبة في غيره، إذ الشّهوة طبيعية، ربما أدّى ذلك إلى وجوه من الفساد، وربما كان المتزاوجان لا يتعاونان على النّسل، فإذا بدّل بزوجين آخرين تعاونا فيه، فيجب أن يكون إلى المفارقة سبيل، ولكنّه يجب أن يكون مشدّداً فيه). وقال سيّد قطب رحمه الله في الظلال: (والإسلام لا يسرع إلى رباط الزوجية المقدّسة فيفصمه لأوّل وهلة، ولأوّل بادرة من خلاف. إنّه يشدّ على هذا الرّباط بقوّة، فلا يدعه يفلت إلا بعد المحاولة واليأس، إنّه يهتف بالرّجال: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً...)، فيميل بهم إلى التريّث والمصابرة حتّى في حالة الكراهية، ويفتح لهم تلك النافذة المجهولة: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً...)، فما يدريهم أنّ في هؤلاء النّسوة المكروهات خيراً، وأنّ الله يدّخر لهم هذا الخير. فلا يجوز أن يفلتوه. إن لم يكن ينبغي لهم أن يستمسكوا به ويعزّوه ! وليس أبلغ من هذا في استحياء الانعطاف الوجداني واستثارته، وترويض الكره وإطفاء شرته). (7)